تعود تسمية كوكب المشتري بهذا الاسم (Jupiter) لاسم ملك الآلهة. فهو كوكبٌ ضخم، يمتلك مجالًا مغناطيسيًا قويًا، وأقمارًا أكثر عددًا من بقية كواكب المجموعة الشمسية. وعلى الرغم من اكتشاف كوكب المشتري ومعرفته منذ زمنٍ بعيد، فإن تطور التليسكوب ومعدات دراسة الفضاء الأخرى ساهم بشكلٍ ضخم في زيادة معرفتنا حول عملاق الغاز هذا. بشكلٍ مختصر، يوجد عددٌ هائل من المعلومات المدهشة حول كوكب المشتري لا يعرفها معظمنا. ونحاول هنا أن نسلط الضوء على عشر حقائق ستدهشك وتزيد من اهتمامك في مجال الكواكب.

كوكب المشتري المجموعة الشمسية عشر حقائق عملاق الغاز

كوكب المشتري: الأضخم

إنّ حقيقة ضخامة كوكب المشتري وحقيقة أنّه الأضخم بين جيرانه من كواكب المجموعة الشمسية هي أمورٌ معروفة. لكنّ الوصف لا يعطيه حقه أحيانًا. إنّ كتلة المشتري تعادل ما يقارب 318 ضعفًا من كتلة كوكب الأرض، بل وتفوق كتلة كواكب المجموعة الشمسية مجتمعة بضعفين ونصف. أمّا الحقيقة الأكثر إثارة، فهي أنّه إذا ازدادت كتلة المشتري أكثر مما هي عليه فسيصغر حجمه. إنّ كُتلةً أكبر تعني كثافةً أعلى؛ ما يسبب انكماش الكوكب على نفسه. يتوقع علماء الفضاء أنّ كتلة المشتري ستتضاعف 4 مرات مع بقاء حجمه كما هو.

يستحيل تحوّل المشتري إلى نجم

يُطلق علماء الفضاء لقب «النجم الفاشل» على المشتري، وفي الواقع لا يمكن اعتبار هذا الوصف دقيقًا. مع أن بعض الحقائق قد تدعم هذا الوصف، مثل تشابه المشتري والنجم بالامتلاء بكميات هائلة من الهيدروجين والهيليوم، إلّا أنّ المشتري لا يمتلك كتلةً كافية لإحداث تفاعل انصهار في مركزه، وهذه هي الطريقة التي تُنتِج النجوم من خلالها الطاقة؛ من خلال دمج ذرات الهيدروجين في ظروف حرارة وضغط عاليَين، ما يُنتج الهيليوم، وكميّةً كبيرة من الضوء والحرارة خلال العملية.

ما يجعلُ هذه العملية ممكنة بالنسبة للنجوم هي جاذبيتها الهائلة. بالنسبة للمشتري، فإنّ بدء عملية انصهار نووي والتحول إلى نجم سيحتاج إلى أن تكون كتلته مُضاعفة 70 مرة. ما يعني؛ إذا دمجنا العشرات من كواكب المشتري مع بعضها البعض، سنحصل على فرصةٍ جيّدة لتحويلها لنجمٍ جديد. لكن في الوقت الحالي، سيبقى المشتري عملاقًا غازيًا بلا أمل في أن يتحول إلى نجم في يومٍ ما.

يمتلك المشتري أعلى سرعة دوران بين كواكب المجموعة الشمسية

بسبب حجمه وكتلته كما ذكرنا سابقًا، يتحرّك المشتري بسرعة عالية. في الواقع، تبلغُ سرعته الدورانية 7.45 مترًا لكل ثانية، أو ما يساوي 45 ألف كيلومتر في الساعة. يستغرق الكوكب نحو 10 ساعاتٍ لإكمال دورة كاملة حول محوره. ولأنّه يدور بسرعةٍ هائلة، أخذت أقطابه تتسطّح بشكلٍ طفيف، وانتفخ عند خط الاستواء. يُقدّر الفرق في المسافة بين مركز الكوكب إلى أحد قطبيه والمسافة من مركزه إلى خط استوائه بـ 4600 كيلومترًا. مِمّا يدُلُّ على تأثير حجمه الكبير وحركته الدورانية السريعة على شكله الخارجي.

تبلغ سماكة الغيوم على المشتري 50 كيلومترًا

تتكوّن الغيوم على المشتري من كريستال الأمونيا، وتبلغ سماكتها 50 كيلومترًا فقط. يُقسم السحاب على المشتري إلى طبقتين: مادة مظلمة يُعتقد أنّها تتكوّن من مركبات قادمة من أعماق المشتري يتغيّر لونها عند تعرّضها لضوء الشمس. وطبقة أخرى تتكوّن من الهيدروجين والهيليوم، وتمتّد تحت الطبقة الأولى إلى النهاية في الأسفل.

البقعة الحمراء العظيمة موجودةٌ على المشتري من زمن بعيد

(البقعة الحمراء العظيمة – The Great Red Spot)؛ وهي ما يُطلق على ظاهرة موجودة على سطحه، وتشيرُ إلى عاصفة كانت موجودة منذ زمن بعيد. توجد النقطة الحمراء العظيمة في المنطقة الجنوبية من خط الاستواء. أما أبعادُها، فيبلغُ قطرها نحو 24 ألف كيلومتر، وارتفاعها نحو 14 ألف كيلومتر. ولنقرّبها لأذهاننا، تتسع النقطة الحمراء العظيمة لوضع كوكبين أو ثلاثة بنفس قطر الأرض. ويُقدّر عمرها بحوالي 350 عامًا، أي في الوقت الذي رُصدت فيه لأول مرة، في القرن السابع عشر.

رُصدت للمرة الأولى عام 1665 من قبل عالم الفضائي الإيطالي جيوفاني كاسيني. ومع بداية القرن العشرين، بدأ العلماء بوضع نظريات حول إذا ما كانت عاصفة أم لا، وإذا كانت قد تشكّلت بسبب عدم استقرار حركة الكوكب وسرعة حركة غلافه الجوي. أُكّدت هذه النظريات خلال رحلة فوياجر 1، والتي راقبت النقطة الحمراء العظيمة عن قرب في آذار 1979 عند مرورها قرب المشتري.

وعلى ما يبدو أنّها كانت في مرحلة انكماش منذ ذلك الحين، وبالاعتماد على ملاحظات كاسيني، قُدِّر قُطرها بحوالي 40 ألف كيلومتر في القرن السابع عشر، أي تقريبًا ضعف حجمها الآن. لا يعلمُ علماء الفضاء إلى الآن ما إذا كانت ستختفي كُليًّا، لكنّهم متأكدون تقريبًا من أن عاصفة أخرى ستتشكّل في مكان آخر على الكوكب.

يمتلك المشتري حلقات

عند الحديث عن نظام الحلقات، فإنّ كوكب زحل هو ما نُفكر فيه عادة. لكن في الحقيقة، فإنّ كوكبي أورانوس والمشتري يمتلكان نظام حلقات خاصًا بكل منهما. كان نظام حلقات المشتري آخر نظام اكتُشف بعد أورانوس وزحل، وذلك بسبب أنّ حلقاته باهته. تتكوّن حلقات كوكب المشتري من ثلاثة عناصر رئيسية: نتوء داخلي مستدير يتكون من جسيمات تُعرف باسم الهالات، وحلقة رئيسيّة ساطعة نسبيًا، وحلقة خفيفة خارجية.

يُعتقد أنّ هذه الحلقات تشكّلت من مواد مقذوفة من أقمار الكوكب عند اصطدامها بالنيازك. وبشكل خاص، يُعتقد أنّ الحلقة الأساسية تكوّنت من مواد قادمةً من قمري أدراستيا وميتيس، أمّا قمرا ثيبي وأمالثيا فيُعتقد أنّهما المسؤولان عن المكوّنين الأساسيين للحلقة الخارجية. سقطت هذه المواد للمدار حول المشتري عوضًا عن العودة لأقمارها، وذلك بسبب قوّة جاذبية كوكب المشتري. وتتجدّد هذه الحلقة بشكلٍ مُنتظم؛ لأنّ جُزءًا من هذه المواد يسقط على المشتري ويتبدّل بأجزاء جديدة.

مجال المشتري المغناطيسي أقوى من الأرض بـ 14 ضعفًا

تعمل البوصلة على كوكب المشتري؛ وذلك لأنّ مجاله المغناطيسي هو الأقوى بين كواكب المجموعة الشمسية الأخرى. يعتقدُ علماء الفضاء أنّ المجال المغناطيسي يتولّد بسبب التيارات الدوامة (الحركة الدوّامة للمواد الموصلة) في سائل هيدروجيني معدني.

يُحاصر المجالُ المغناطيسي جسيمات ثاني أكسيد الكبريت الناتجة من الانفجارات البركانية على (قمر لو – (Lo moon التابع للمشتري، والتي تُنتج كبريتًا وأيونات أكسجين. باتّحاد المواد الناتجة عن الانفجارات البركانية مع أيونات الهيدروجين من الغلاف الجوي للمشتري، تنتج طبقة بلازما في مستوى خط الاستواء.

يحوم حول المشتري 67 قمرًا

بينما نقرأ هذا المقال، يمتلك المشتري 67 قمرًا بأسماء معروفة. مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هناك ما يزيد عن 200 جسم طبيعي يدور حول المشتري، إلّا أنّ معظمها لا يزيد قطره عن 10 كيلومترات، واكتشف معظمها بعد عام 1975، عندما وصلت مركبة بيونير 10 لكوكب المشتري.

مع ذلك، يدور حول المشتري 4 أقمار أساسية، تُعرف باسم الأقمار الغاليلية (نسبة لمُكتشفها غاليليو غاليلي). أسماؤها بالترتيب اعتمادًا على بعدها عن الكوكب: آيو- Io، أوروبا – Europa، غانيميد – Ganymede، كاليستو – Callisto. ويُعتبر قمر غانيميد الأكبر في المجموعة الشمسية، بقطرٍ يُعادل 5262 كيلومترًا.

زرنا المشتري 7 مرات

كانت الزيارة الأولى من قبل مركبة ناسا – بيونير 10 في ديسمبر من عام 1973، ثُمّ بيونير 11 من ديسمبر عام 1974. ثم مهمة فوياجر بنسختيها الأولى والثانية في عام 1979. ثُمّ انقطعت الرحلات إلى عام 1992 عندما وصلت مركبة يوليسيسن ثُمّ أُلحقت بمركبة غاليليو عام 1995. ثُمّ مرّت مركبة كاسيني بقرب الكوكب عام 2000 في طريقها إلى كوكب زحل. والرحلة الأخيرة كانت من مركبة نيوهورايزونس، إذ مرّت بالكوكب عام 2007.

يمكنك رؤية المُشتري بعينيك!

يعتبر المشتري ثالث ألمع الأجسام في النظام الشمسي، من بعد القمر وكوكب الزهرة. فالاحتمالات تُشير إلى أنّك رأيت كوكب المُشتري في السماء ولم تعرف ما هو. إذا رأيت نجمًا ساطعًا في السماء، فأنت تنظر إلى المشتري! جهّز منظارًا أو تليسكوبًا وتمتع بمشاهدته، وقد تكون محظوظًا بما يكفي لترى أحد أقماره.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: محمد يامين
تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر