الأمر بالتأكيد، أقل دراميةً من التعرض للاحتراق المفاجئ و التحول إلى رمادٍ في خلال بضع ثوان، لكن في الواقع فإن التعرض المفاجئ لأشعة الشمس قد يسبب رد فعل غير متوقع لدى بعض الأشخاص و هو العطس.

هذه الظاهرة تُسمى بردة الفعل الضوئية اللاإرادية للعطس photic sneeze reflex و إحتمالية حدوثها لك أو لأحد اصدقائك هو أمرٌ شائعٌ بصورةٍ أكبر مما تتوقع حيث تحدث بين سكان العالم بنسبه تتراوح ما بين 17 لـ35 % و ذلك طبقا لإحصائيات يتم إجرائها بشكل غير رسمي.

لكن الأمر المهم لدينا هنا هو الكشف عن السبب العلمي وراء حدوث ردة الفعل تلك؟

في واقع الأمر فإنه لا يمكن التحكم في عملية العطس لأنها من إحدى ردود الفعل التلقائية للجسم, و ترتبط بإثارة أغشيه الأنف ومن ثم يتم نقل هذه الإشارة عبر الممرات العصبية حتى تصل للمخ.

مما يُسبب اندفاع الهواء بشكل قوى من خلال الفم والأنف مما يؤدى لحدوث عدة تبعات لا تقتصر فقط على المساعدة في طرد المخاط و إثارة الممرات الأنفية بصورةٍ سريعةٍ جدًا بل تؤدى أيضا لانقباض عدة عضلات في أنحاء الجسم مثل الجفون و القصبة الهوائية.

عند التحدث تاريخيًا عن الظاهرة، فإن الفيلسوف اليوناني الشهير ارسطو قد لاحظها وتحدث عنها في باب عن الأنف في كتابه “المشاكل” حيث تساءل عن سر التأثير المفاجئ للتعرض لحرارة الشمس بعكس التأثير المعتاد عند التعرض لحرارة النيران.

على أي حال، فان العطس بسبب التعرض لأشعة الشمس أمرٌ لا يمُت بصلة للحرارة، لكن بدلًا عن ذلك يبدو أن الأمر ينتج عن تشابك عصبي في مكانٍ ما على امتداد العصب ثلاثي التوائم trigeminal nerve والمعروف أيضا باسم عصب الرأس الخامس the fifth carinal nerve حيث يُعد أكبر وأعقد الأعصاب المتشابكة الموجودة بالرأس، و يمتد منه ثلاث تفرعات رئيسية تصل للعين والممر الأنفي والفك.

وبذلك يُعد من الاماكن الأكثر تشابكًا وتعقيدًا بالنسبة للإشارات العصبية، لذا لا تُعد مفاجئة اذا تلقى العصب الخامس رد الفعل بشكل خاطئ.

فالضوء الساطع يسبب انقباض لبؤبؤ العين لكن الإشارة قد تصل عن طريق الخطأ للأنف أيضًا.

نظرية أخرى تفسر الأمر أيضًا بشكلٍ يرتبط مع الجهاز العصبي تتحدث عن أن العطس المرتبط بالتعرض للشمس قد يحدث بسبب تعميم الجهاز العصبي الباراسمبثاوي parasympathetic generalization و هي عملية تحدث عندما يُثار جزء من الجهاز العصبي الباراسمبثاوي مثل بؤبؤ العين لكنها في الوقت عينه قد تسبب تنشيط أجزاء أخرى من الجهاز العصبي مثل الأغشية الموجودة بالأنف.

بغض النظر عن الجهاز العصبي المتسبب بحدوث هذه الظاهرة, فقد وجد الباحثون السبب الوراثي المسئول عن “عطس الشمس”.

رد الفعل يُعرف الآن بالاسم الهزلى المختصر “apt acronym achoo” و الذى يرمز لكونه تأثر لحظي بسبب التفاعل بين الشمس و العين كما تُعد صفةٌ جسديةٌ سائدةٌ لأن الجين المسئول عنها يتواجد على أحد الكروموسومات الغير مرتبطة بالجنس ويكفى وراثته عن أحد الأبوين فقط لظهور تأثير الصفة على الشخص.

بالرغم من أن الظاهرة أكثر شيوعًا عند التعرض للشمس فإن ردة الفعل الضوئية اللاإرادية للعطس قد تحدث أيضًا بسبب التعرض لأى ضوء آخر بشكل مفاجئ.

مثل إضاءة مصباح صغير على حين غرةٍ في غرفةٍ مظلمةٍ.

ولأن الامر لن يُسبب أي أذى ومن أجل القليل من المرح يمكنك تجربة الأمر مع صديقك للتأكد من احتمالية وجود هذا الجين لديه لكن لا تخبرهم بأننا نصحناك بذلك.