أعلن علماء الفلك عن اكتشاف كويكب ضخم يبلغ قطره نحو كيلومترين، يدور في نطاق كوكب الزهرة في مدار قريب جدًا من الشمس.

اكتشاف فريد من نوعه

رُصد الكويكب لأول مرة باستخدام مسح «زويكي» للأجرام السماوية، وهو مسح فلكي سماوي شامل يُجرى باستعمال كاميرا خاصة مثبتة على أحد تلسكوبات مرصد بالومار في كاليفورنيا، وقد أُعلن اكتشاف هذا الكويكب في بحث جديد نشره دكتور وينج هوين أيب، الأستاذ في معهد الفلك بالجامعة الوطنية المركزية بتايوان بعنوان «العثور على كويكب ضخم يتجاوز حجمه كيلومترًا مكعبًا يدور داخل مدار كوكب الزهرة».

اكتشاف كويكب ضخم أقرب إلى الشمس من كوكب الزهرة - اكتشاف كويكب ضخم يبلغ قطره نحو كيلومترين يدور في نطاق كوكب الزهرة - 2020 AV2

أُطلق على الكويكب الجديد اسم (2020 AV2)، ويبلغ قطره نحو كيلومترين، وتبلغ نقطة الأوج -النقطة التي يكون عندها الكوكب أو القمر الصناعي في أبعد مكان عن الشمس- في مداره نحو 0.65 وحدة فلكية.

اكتشاف إحصائي أم صدفة؟

يعترف العلماء أن اكتشاف الكويكب جاء بمحض الصدفة، إذ إن النماذج الإحصائية التي يعتمد عليها علماء الفلك في رصد هذا النوع من الأجرام لم تتوقع وجود مثل هذا الكويكب في نطاق كوكب الزهرة.

يؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف هو ضربة حظ إحصائية موفقة، فقد يكون الكويكب قادمًا من أي مكان داخل المجموعة الشمسية أو خارجها، وهو ما قد يتطلب تعديل النماذج الإحصائية التي تعتمد عليها عمليات البحث، والتي طالما توقعت مواقع الرصد بدقة شديدة.

رُصد الكويكب (2020 AV2) لأول مرة في 4 يناير 2020 باستخدام مسح زويكي الشامل. أنتجت عمليات الرصد اللاحقة من مرصد بالومار أيضًا المزيد من البيانات حول الكويكب، فهو كويكب من النوع «إس»، وهي فئة تضم مجموعة الكويكبات الصخرية التي تشمل 17% من الكويكبات المعروفة، وهو مكون بالكامل تقريبًا من السيليكا.

بحلول نهاية شهر يناير الماضي، استخدم علماء الفلك التلسكوب «كيك» لمعرفة تفاصيل أعمق حول الكويكب وطبيعة تربته وسطحه، واستنتجوا أن أصول هذا الكويكب تعود إلى حزام الكويكبات الرئيسي الواقع بين كوكبي المريخ والمشتري.

استثناء للقاعدة أم دليل آخر على صحتها؟

يوجد نحو مليون كويكب معروف حتى الآن، جميعها محددة الهوية ويدور أغلبها خارج مدار كوكب الأرض. يدور داخل نطاق كوكب الزهرة مجموعة أخرى من الكويكبات تسمى كويكبات «فاتيرا»، وهي فئة فرعية تندرج تحت مجموعة أشمل هي كويكبات «أتيرا».

ربما يكشف هذا الكويكب النقاب عن مجموعة مماثلة من الكويكبات التي تدور في نطاق كوكب الزهرة، والتي قد تتشابه في الحجم مع الكويكب الجديد. إن تاريخ علم الفلك يعج بمثل هذه المصادفات، ففي الفترة التي اكتُشفت فيها الأجرام في نطاق حزام كايبر، أُعلن اكتشاف الكويكب (1993 FW) بعد فترة وجيزة جدًا من إعلان اكتشاف الكويكب (1992 QB1)، وهما متشابهان جدًا في الحجم. يتوقع العلماء أن الكويكب (2020 AV2) هو الأكبر من نوعه حتى الآن، وأن اكتشافه يُمهد الطريق للعثور على كويكبات أخرى لم تنجح النماذج الإحصائية المعمول بها اليوم في توقع وجودها.

كويكب محلي أم كويكب آبق؟

تُشير بعض الإحصائيات إلى وجود منطقة داخل مدار كوكب عطارد قد تكون مسئولة عن تكوين مثل هذه الكويكبات الصخرية القريبة من الأرض في نفس فترة تكوّن مجموعتنا الشمسية. ينفي هذا الاحتمال قدوم هذا الكويكب من حزام الكويكبات الرئيسي.

أجرى العلماء محاكاة حاسوبية للتوصل إلى المزيد من التفاصيل حول تاريخ هذا الكويكب، ورجحوا أن الكويكب لم يُمضِ عمره بالكامل في نفس المكان الذي اُكتشف فيه، وعلى هذا فربما أتى من مكان خارج حدود المجموعة الشمسية.

وباستخدام محاكاة الجرم «إن» المستخدمة لمعرفة نظام حركة الأجرام الفلكية، توصل العلماء إلى أن حركة الكويكب تتأثر ببعض الكواكب الأخرى وكذلك جاذبية كوكب المشتري، خاصةً أن مداره قد يتطور ليقترب من مدار العملاق الغازي، ما قد يُعجل بطرده خارج المجموعة الشمسية.

الهجرة نحو الزهرة ونهاية الرحلة

يحاول العلماء معرفة الرحلة التي أوصلت الكويكب إلى مدار كوكب الزهرة. يقول جورج هيلو المدير التنفيذي لمركز «إيباك» لأبحاث الفلك، المشارك في مسح زويكي: «إن الوصول إلى مدار كوكب الزهرة يُعد تحديًا كبيرًا لأي كويكب. يبدو أن هذا الكويكب قد هاجر نحو كوكب الزهرة من مكان أبعد في المجموعة الشمسية».

أضاف هيلو أن المستقبل ليس مُبشرًا لهذا الكويكب، إذ سينتهي به المطاف مقذوفًا خارج المجموعة الشمسية بسبب جاذبية أحد الكواكب المجاورة، أو سيصطدم في النهاية بكوكب الزهرة أو عطارد.

يؤكد هيلو أنه إن كان ذلك هو أول اكتشاف ينجح في العثور على كويكبات تدور داخل مدار كوكب الزهرة، فإن مصير هذه الكويكبات جميعها في غضون 10 – 20 مليون سنة سيكون الطرد خارج نطاق مجموعتنا الشمسية.

اقرأ أيضًا:

ما هو حزام الكويكبات

حزام الكويكبات

ترجمة: هبة الحارس

تدقيق: روان أبو زيد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر