لم أفكر مسبقًا في هذا السؤال المثير للاهتمام، لكنني متيقن من أن البعض يرجو أن تمتلك الموسيقى تلك الخواص حقًا، مثل مشغلي الموسيقى في المطاعم.

يستخدم العديد من تجار التجزئة والشركات الخدمية الموسيقى المحيطة ببيئة وجود المستهلكين للتأثير في حالتهم المزاجية وتصرفاتهم. هل لاحظت يومًا كيف تنير بعض المطاعم أضواءً ساطعةً وتشغل الموسيقى بإيقاع سريع؟ يختلف شعورك في هذه المطاعم عن شعورك في مطعم إيطالي بموسيقاه الهادئة وإضاءته الخافتة، وتكمن النظرية هنا في التأثير في المحفزات البيئية، إذ يحاول أحد المطاعم زيادة حجم مبيعاته، في حين يريد الآخر أن تقضي وقتًا إضافيًا وشراء زجاجة نبيذ أخرى.

لكن ماذا عن الإنتاجية الشخصية؟ هل يساعد الاستماع إلى الموسيقى على زيادة التركيز وتحسين الكفاءة وتعزيز الأداء في العمل؟

لا توجد دراسات كثيرة حول هذا الموضوع حتى الآن، لكننا سنلخص ما نُشِر فيما يأتي:

  •  Embrey & Fox 1972: ساعد الاستماع إلى موسيقى الخلفية على تحسين كفاءة أداء المهام المتكررة.
  •  Hunt & Newman 1966: استمتع الموظفون بموسيقى الخلفية؛ لكن لم يؤثر ذلك في إنتاجهم.
  •  Ferriss & Blood 1993: لم تُحدث موسيقى الخلفية فرقًا في الإنتاجية، مع الاختلاف بين الموسيقى ذات سلم عالي النغمة ومنخفض النغمة.
  •  Lesliuk 2005: تأثير الموسيقى في أداء العمل قد يكون بسبب تحسينها لحالة الشخص المزاجية.

في الختام: لم تُحسَم الدراسة، إذ لا تقتصر المشكلة على قلة الدراسات حول هذا الموضوع، بل تمتد إلى تنوع النتائج ووجودها في أماكن متفرقة.

يستمع العديد من الأشخاص إلى موسيقى الخلفية عند عملهم، وبسبب تأثير الموسيقى في الدماغ والسلوك، يجب وضع بعض الأشياء في الاعتبار حول الموسيقى التي تختارها لتجعل تجربتك أكثر نجاحًا:

1. استخدم الموسيقى التي لا تحتوي على كلمات:

عند إضافة الكلمات تنشط مراكز اللغة في دماغك وتتداخل مع أي مهام لغوية أخرى قد تعمل عليها، مثل القراءة والكتابة والتحدث وغيرها. استمع إلى الموسيقى التي لا تحتوي على كلمات، أو على التي تحوي كلمات لا يمكنك فهمها، فمثلًا تستخدم المغنية إنيا الكلمات في غنائها، لكنك لا تستطيع فهم ما تقوله بسبب طريقة غنائها.

الموسيقى والإنتاجية: خمس أفكار لتحسين الأداء بالموسيقى - الاستماع إلى الموسيقى على زيادة التركيز وتحسين الكفاءة وتعزيز الأداء في العمل

2. الصمت نوع من الموسيقى:

تمتلك الموسيقى مكونين: الأصوات والصمت. قد يملك الصمت فعالية الموسيقى نفسها، وقد يتداخل الاستماع إلى الموسيقى مع قدرتك على التركيز، حينها عليك أن تحاول العمل في جو صامت، ولكن إذا كانت الموسيقى أكثر من اللازم، وكان الصمت أقل من اللازم، فجرب استخدام آلة ضوضاء بيضاء، أو استمع إلى أصوات من الطبيعة.

3. استمع إلى الموسيقى التي تحبها:

إحدى النظريات التي تفسر لماذا قد تساعد الموسيقى على زيادة الإنتاجية هي أنها تساعدك على الشعور بالتحسن، تتغلغل الموسيقى في المراكز العاطفية في دماغنا، فنشعر بالسعادة أو الحزن أو الغضب أو الخوف، عمومًا يزداد إنتاجنا عندما نكون في حالة مزاجية إيجابية، لذا استمع إلى الموسيقى التي تحسن حالتك المزاجية، كالموسيقى الكلاسيكية، أو موسيقى الجيل الجديد، أو التراتيل الغريغورية، أو موسيقى الإلكترونيك دانس (التكنو)، استمتع بموسيقاك المفضلة.

4. جرب سرعات أو إيقاعات مختلفةً من الموسيقى:

يدعي بعض الأشخاص أن الموسيقى بإيقاع معين تؤثر في أنواع محددة من موجات الدماغ مثل ألفا وثيتا وغيرها. لسنا متيقنين تمامًا، لكن الإيقاع قد يشكل فرقًا. عمومًا تساعدنا الموسيقى سريعة الإيقاع على زيادة نشاطنا ووعينا، في حين تساعدنا الموسيقى البطيئة على زيادة هدوئنا واسترخائنا. إذا كنت تعمل بطريقة أفضل في حال نشاطك وحيويتك، فشغل الموسيقى السريعة والحيوية، وإن كنت تفضل الهدوء المريح الساكن، فاستمع إلى الموسيقى ذات الإيقاع البطيء الهادئ.

5. استرح مدةً من الموسيقى:

يجب أن تأخذ استراحةً مدتها 5 دقائق لكل ساعة عمل، كذلك تحتاج أذنك إلى الاستراحة من الموسيقى. نحن نندمج أو نعتاد على البيئة التي نوجد فيها، لذلك تنام مرتاحًا في منزلك، ولكن يصعب عليك النوم في مكان جديد مع أصوات غريبة وأشياء لم تعتد عليها، كالأصوات التي تسمعها ليلًا نتيجة تعثر كائن ما، سيركز عقلك تركيزًا أفضل إذا غيرت المُدخلات التي يتلقاها دوريًا، لذلك من منظور «موسيقى الخلفية»، أطفئ الموسيقى أو غيرها بعض الأوقات.

باختصار، إذا حسَّنت الموسيقى أداء عملك وزادت إنتاجيتك، فاستمع إليها!

اقرأ أيضًا:

العلاج النفسي بالموسيقى

لماذا نلجأ عند الحزن إلى الموسيقى الحزينة ؟

ترجمة: محمد عباس

تدقيق: راما الهريسي

المصدر