وجدت دراسة أمريكية جديدة أن ما مقداره أكثر من الثلث من مجموعة المكملات الرياضية الغذائية التي يشتريها الناس عبر الإنترنت يخلو محتواها من المكونات والمواد الرئيسية المذكورة على الملصق التعريفي التي يجب أن تحتوي عليها.

ولإنجاز هذه الدراسة البحثية، طلب بيتر كوهين، الباحث السريري في كامبريدج هيلث أليانس Cambridge Health Alliance وفي كلية الطب في جامعة هارفارد في كامبريدج ماساتشوستس، وزملاؤه شراء 57 مكملًا رياضيًا لتحليل محتوياتها ودراستها.

ذُكر على كل ملصق تعريفيّ لكل منتج من هذه المكملات الرياضية أن المنتج يحتوي على واحد من خمس مركبات نباتية ذات الخصائص المزعومة المعززة للأداء، ويُذكر أنه بدأت إضافة هذه المواد إلى المكملات الغذائية منذ أن حُظِر تعاطي واستخدام المنشطات التي تسمى الإيفيدرا عام 2004.

وذكر كوهين وزملاؤه في ورقتهم البحثية أن إدارة الأغذية والدواء (FDA) لا تعطي موافقتها مسبقًا على هذه المكونات، أو أي مادة تستخدم مكملًا غذائيًا، سواء من ناحية الفاعلية أو مقدار السلامة قبل تصنيعها وطرحها في الأسواق، ولكن عمليات التفتيش والفحص التي أجرتها إدارة الأغذية والدواء الأميركية وجدت أن مصنعي المكملات الغذائية غالبًا ما يفشلون في اتباع معايير وشروط التصنيع الأساسية، مثل تحديد هوية المنتج النهائي والتعريف بمكوناته بشكل دقيق، أو تحديد نسبة نقاوته، أو تركيبته الفعلية.

بيّنت نتائج تحليل الباحثين لهذه المكملات الرياضية أن حوالي 40% مما مجموعه 57 عينة صغيرة من 57 مكملًا غذائيًا اشتراها الباحثون عبر الإنترنت لا تحتوي على الكمية الفعلية من المكونات والمواد ذاتها المذكورة على الملصق التعريفي، وأن نصف هذه المكملات الرياضية أظهرت احتواءها على مركبات تخالف بكميتها تلك الكمية المذكورة على الملصق التجاري، كما وجد فريق الباحثين أيضًا أن 12% من تلك المكملات تحتوي على إضافات لمواد ومركبات غير مشرع قانونيًا استخدامها أو تناولها.

وأضاف كوهين وزملاؤه أنهم وخلال هذه الدراسة البحثية قد تحققوا بدقة مما نسبته 11% فقط من هذه المكملات الرياضية، التي قد طابقت فعلًا الوصف والتركيب المذكور على الملصق التجاري لها، وقد عثر الباحثون أيضًا على 5 مكونات مختلفة محظورة الاستخدام من قِبل إدارة الأغذية والدواء، بما في ذلك عقار غير معتمد وغير مصرح باستخدامه متوفر في روسيا، و 3 عقاقير كانت متوفرة سابقًا في أوروبا، وعقار واحد لم تتم الموافقة عليه مطلقًا في أي بلد.

وفي حين أن الكميات والتراكيز قد تختلف بين المنتجات والجرعات ضمن علامة تجارية معينة، فقد وجد العلماء خلال الدراسة أن الكمية والنسبة الموصي بها من هذه المكملات الرياضية تحتوي على أكثر من ثلاثة أضعاف كتلة أحد المركبات المنشطة المدرجة على الملصق التعريفي للمنتج.

بالرغم من النتائج الصادمة لهذه الدراسة، فإنها ليست مفاجئة بالقدر ذاته عند فهمنا لكيفية تنظيم تناول المكملات الرياضية وآلية مراقبتها وضبطها في الولايات المتحدة وبلدان أخرى مثل أستراليا، فقد يعتقد الناس أن المكملات الرياضية تندرج ضمن فئة فرعية من الأدوية كونها تُعد منتجات صحية، لكن في الواقع، قد صُنفت هذه المنتجات من قبل إدارة الأغذية والدواء فئةً فرعية من أصناف الأطعمة والأغذية.

وضح كوهين هذه القضية سابقًا للجمعية الطبية الأميركية (AMA) عام 2021، وأكّد أن تصنيف هذه المنتجات من ضمن فئة الأغذية والأطعمة له عواقب وخيمة على فئة المكملات الغذائية بأكملها، ابتداءً من الفيتامينات، والمعادن، والبروبيوتيك (المعززات الحيوية)، وانتهاءً بجميع أنواع وأصناف المكونات الغذائية والأطعمة الجديدة؛ لأن ذلك يبرر ويعطي تصريحًا بالموافقة للشركات المصنعة بإدخال أي مادة أو منتج يعتقد أنه آمن إلى الأسواق، ولذلك تتمثل مهمة إدارة الأغذية والدواء بعد ذلك في مراقبة المنتجات الجديدة وتحديد ما إذا كان أي منها قد يسبب ضررًا، وسحبها من الأسواق إذا كان الأمر كذلك حقًا.

على سبيل المثال، في عام 2004، حظرت إدارة الأغذية والدواء بيع المكملات الغذائية العشبية التي تحتوي على قلويات الإيفيدرين، التي تُعد منبهات مستخرجة من نبات الإيفيدرا سينيكا، إضافةً إلى نباتات أخرى، يهدف تناولها إلى زيادة الطاقة وتحسين الأداء الرياضي، وذلك لكونها تمثل عامل خطر للإصابة بالعديد من الأمراض، كما أنها قد تهدد حياة الأشخاص المستهلكين لها.

لوحظ الانخفاض الحاد في عدد حالات التسمم بالإيفيدرا في الولايات المتحدة منذ حظر استخدام وتناول مركباتها ومشتقاتها وسحبها من الأسواق، ولم يُبلّغ عن أي حالات وفيات مرتبطة بتناول الإفيدرا منذ عام 2008.

بالمثل، اتخذت هيئة تنظيم الأدوية الأسترالية وإدارة السلع العلاجية TGA إجراءات صارمة ضد المكملات الرياضية، التي من الممكن أن يعرض تناولها الصحة للخطر بسبب تداخلاتها الدوائية مع العقاقير والمركبات الدوائية الأخرى التي يتناولها بعض الأشخاص، أو التسبب في ردود فعل تحسسية خطيرة.

واعتبارًا من أواخر عام 2020، تُعامل هيئة تنظيم الأدوية الأسترالية وإدارة السلع العلاجية المكملات الغذائية والرياضية عالية الخطورة على أنها أصناف دوائية بدلًا من إدراجها تحت فئة الأطعمة والمغذيات الرياضية، وذلك بعد وفاة العديد من الأشخاص جراء تناول هذه المكملات الرياضية.

وضّح كوهين أن منظمي ومصنّعي الأدوية والعقاقير يسعون وراء الربح التجاري ومواكبة الأسواق بطبيعة الحال، وخاصة بعد التزايد الضخم والانتشار الواسع في السنوات الأخيرة للمكونات والمركبات الجديدة المستخدمة في تركيب وصناعة المكملات الرياضية، إذ بيع أكثر من 75000 منتج مكمل رياضي في الولايات المتحدة، وذلك حسب تقديرات الباحث كوهين.

وضح كوهين ذلك قائلًا: «نشهد في الوقت الحاضر الكثير من الابتكارات الجديدة أو المكونات والمركبات الجديدة تمامًا التي يمكن أن تدخل في صناعة المكملات الرياضية، ومرةً أخرى؛ ونظرًا لأن إدارة الأغذية والدواء لا تتفحص أو تدرس هذه المنتجات قبل طرحها في الأسواق أو على الإنترنت، فإن ما يحدث هو أن هذه المكملات الرياضية يمكن أن تشكل مخاطر غير متوقعة».

أكد كوهين مشددًا على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات لمعرفة عدد المكملات الرياضية والمنتجات الصحية الأخرى التي تُصنّف بشكل خطأً قبل أن نعرف المدى والخطر الحقيقي لانتشار هذه المشكلة وتفشيها.

ومع ذلك، فقد وجدت الدراسات الحديثة مثلًا أن اللبان الحاوي على الميلاتونين الذي يتناوله الأطفال والذي يباع في الولايات المتحدة وكندا، يمكن أن يحتوي على جرعات أعلى بكثير مما تشير إليه الملصقات التعريفية للمنتج، وقد وجدت دراسة أسترالية أجريت على 135 مكملًا رياضيًا، عمل الباحثون على شرائها بين عامي 2014 و2017، أن 20% فقط من هذه المكملات تحتوي في تركيبها على عنصر واحد على الأقل مؤكد وموافق عليه في الاختبارات الصحية والدراسات المخبرية.

اقرأ أيضًا:

معلومات مهمة عن المكملات الغذائية العشبية

المكملات الغذائية في أثناء الحمل: ما هو آمن وما هو غير آمن

ترجمة: أليسار الحائك علي

تدقيق: غفران التميمي

المصدر